کد مطلب:306567 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:172

الشجنة تئن، و بطل مکبل


تعصبت الابدان.. و حجبت كل المرئیات عن الاعین سوی هدف عیّنوه هم لها. الهدف الذی دفع بهم للمجی ء إلی هنا.

فركض الرجل نحو الباب و ركلها بقوة و قسوة فانتفضت الزهراء من مكانها، هرعت لتختفی، فلاذت وراء الباب فما كان علیها من خمار أو حجاب.

و هكذا سیطر القوم علی فناء دار فاطمة.. فتُضرب شجنة المصطفی و یسقط جنینها المسمی محسناً [1] عند ذاك تصرخ الفلذة من اعماقها صرخة حسبها انها قد جعلت اعلی المدینة اسفلها.


فزفرت زفرة خرجت من خوالجها.

فكأنما الأرض اهتزت متزلزلة من تحت هذا الجمع الباغی.

.. و هی ما تزال تصرخ مستنجدة باللَّه.

.. انهد كیان علی، و هو یسمع صوت حبیبة رسول اللَّه یستنجد صائحاً:

- (إلیك یا فضة خذینی و إلی صدرك سندینی فواللَّه قد قتلوا جنینی).

.. فترقرقت الدموع فی عینی علی.. و هو یشهد هذا المنظر المریع المؤلم، ثم لم یلبث حتی ان رأی امامه القوم، و هم یتوعدونه و یتهددونه بالقتل.. ان لم یمد یده لبیعتهم الظاهریة.

فوضع یده علی سیفه، لكنه تذكر علی الحال، وصیة مقتداه، و حبیبه رسول اللَّه، الذی أمره بتألیف و كتابة القرآن بعد رحیله، و ان لا یشهر سیفاً إذا حل به هذا المصاب، و یصبر.

و تكاثفت الدموع فی محاجر عینا علی و هو یصارعها بتجلده، یتذكر حدیث حبیبه محمد صلی اللَّه علیه و آله و سلم «یا علی انك لاق بعدی كذا... و كذا» حینها قال و عیناه یغرقهما الأسی:

(یا رسول اللَّه انّ السیف لذو شفرتین و ما انا بعتل و لا ذلیل)،

فقال النبی و هو یحتضن علی بكیانه و دقائق روحه یطیب من خاطره:

- (فاصبر یا علی).

فنظر الامام بحب و رضا و إیمان عمیق باللَّه و رسوله:

- (أصبر یا رسول اللَّه). [2] .

أجل سیدتی صبر علی لا من خوف و لا من قلة ناصر، بل قدم علیه أكثر من رئیس قبیلة لیعرضوا علیه بیعتهم والنصرة علی من یقف حیاله، لكنه سیدتی صبر


علی ذلك ابقاءاً علی تراث الامة المحمدیة التی أخذ افق مجدها یلوح فی الرحاب.هذا هو علی یا مولاتی بعدما تأكد ان الخطر محدق بدین محمد و مهدد بالخلافات التی سیدفع ثمنها الاسلام وحده، لیروی مصیر الاسلام الذی زرعه الرسول من فیش روحه و قلبه، و انه لیعلم ان هذا و ذاك انما هی خطة أحبك العدو قصتهما و رسم روایتها لیطبعها، آثمة فی وجه الدهر الذی ستتحمله اجلاجیال لاسقاط اعظم نظام و اكمله ألا و هو الاسلام...

فنظر الامام بسخریته المعهودة الی زمام عقولهم و قرأ فحواها و ازال تنكرها و دفعها إلیهم خاویة علی عروشها فغاظتهم و صبر هو علی محنته اطاعة لأمر السماء.


[1] أخرج ذلك: المعارف لابن قتيبة «ان محسناً فسد من زخم قنفذ العدوي»، الوافي بالوفيات «ان عمر ضرب بطن فاطمة يوم البيعة حتي القت المحسن من بطنها» ج 5 ص 347، الملل و النحل «ان عمر ضرب بطن، فاطمة يوم البيعة حتي القت الجنين من بطنها» ج 1 ص 57، اثبات الوصية «وضغطوا سيدة النساء بالباب حتي أسقطت محسناً» ص 143، ابن شهر آشوب «و عند البعض أولادها الحسن والحسين والمحسن سقط»، و في معارف القتيبي ان محسناً فسد من زخم قنفذ العدوي، المناقب ج 3 ص 407 ط دار الاضواء، غاية المرام ص 48، مناقب آل أبي طالب ج 3 ص 407، تلخيص الشافي ج 3 ص 156.

«ضرب الزهراء و كسر ضلعها» المناقب لابن شهر آشوب ج 2 ص 209، المختصر 48، حلية الابرار ج 2 ص 652، نوائب الدهور ص 194، المغني للقاضي عبدالجبار ج 20 ق 1 ص 335، الفرق بين الفرق ص 148، الخطط للمقريزي ج 2 ص 364، شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج 2 ص 60 و ج 16 ص 235 و 271 عن شيخه أبي جعفر النقيب، اعلام النساء ج 4 ص 124. ملاحظة: من أصل 65 مصدراً ذكرت هذه فقط.

[2] مناقب آل أبي طالب ج 3 ص 250.